عنوان

الأمن المعرفي أساس للتّسامح

التصنيف
عامة
المصدر
مريم حمود, 2021
وصف
ويعرّف علماء الاجتماع الأمن المعرفي بأنّه انعكاس لسلامة الفكر والفهم، ووعي الفرد بالعالم المحيط به.

يمثّل الأمن المعرفيّ هاجسًا لدى المجتمعات المتقدّمة، حيث تسعى إلى تحقيقه للحفاظ على دوام استقرارها، فالتنمية لا تستمرّ بغياب الأمن المعرفي، إذ يمثّل حضوره انعكاسًا حقيقيًا لمدى محافظة المجتمعات على هويّتها وثقافتها واستقرارها وحسن تعايشها معًا.
ويعرّف علماء الاجتماع الأمن المعرفي بأنّه انعكاس لسلامة الفكر والفهم، ووعي الفرد بالعالم المحيط به، وحصانته من كلّ ما من شأنه أن يؤثّر على اعتداله أو يهدد ثقافته أو منظومته الأخلاقية. 
فليست المسؤولية الأمنية منوطة برجال الأمن وحدهم، بل لا بد من مساهمة الجميع فيها، وقد جاءت الثقافة الإسلامية لتؤكّد على ضرورة حفظ النفس والعقل إلى جانب حفظ الدين والنسل والمال، وهي من الضرورات الخمس الأولى في الإسلام، وكلّ هذا من أجل ضمان مصالح العباد في أمور المعاش والمعاد، فالإسلام كلّه خير وعدل ورحمة ومصالح.  ويتضمّن حفظُ النفسِ والعقلِ السعيَ في سبيل العلم، فقد أنعم الله على الإنسان بالوعي والمعرفة، ومن هنا كان مناط تكليفه.
يقترن مستقبل الأمن والاستقرار في أي بلد بوعي أفراده، وتقبّلهم لبعضهم البعض، وانفتاحهم على الحوار مع الثقافات الأخرى، وتكريس التسامح بينهم. فهي إذًا مسؤولية مشتركة، وبالتّالي فلا بدّ من تكوين الذات وتحصينها معرفيًا وفكريًا، بحيث تكون مصدّرةً للمعرفة الحقّة، متقبّلة للآخر، تنتهج التسامح قولًا وفعلًا.
وللأمن المعرفيّ فوائد كثيرة تؤسّس لثقافة التسامح، كتعزيز الوعي المجتمعيّ وتحقيق التقدم الحضاري، ونشر السلام والاستقرار، بما يضمن تقوية الروابط الأخوية بين أفراد المجتمع الواحد، فالسلام انفتاح جوهري قوامه المحبّة. ولا يمكن إغفال الارتباط الكبير الجامع بين الأمن المعرفي والتسامح، فكلّما زاد وعي المجتمعات وارتقى فكرها؛ انتشرت فيها قيم التسامح وتقبّل الآخر أكثر، ولذلك فإنه من الواجب النّظر في التحديات المختلفة التي يمكن أن تُؤثِّر على واقع التسامح؛ لتفادي آثارها السلبية على الأفراد، والتّمكّن من تجاوزها من خلال المعرفة والفكر.
إنّ الوعي الفردي مهم لبناء الوعي المجتمعي، فأمان الفرد أمانٌ للمجتمع أيضًا، كما أنه الأساس الذي يحرك سلوك الأفراد بما يمكِّن المجتمع من تجاوز الجمود الذي يعدّ أحد أشكال الموت الحضاري، وبتحقيق المجتمع لمبدأ الحركة يتمكّن من مواصلة مسيرته الحضارية.
لقد حثّ الإسلام على ضرورة التّكامل بين الفرد ومجتمعه، حيث قال صلّى الله عليه وسلم: "ترى المؤمنين في تراحمهم وتوادهم وتعاطفهم كمثل الجسد، إذا اشتكى عضو تداعى له سائر جسده بالسهر والحمى"  ومن هنا يكتسب الأمن المعرفي مكانته ودوره المهم في تحقيق التسامح والتآلف المجتمعيّ.

X
تساعدنا ملفات تعريف الارتباط في تحسين تجربة موقع الويب الخاص بك. باستخدام موقعنا ، أنت توافق على اسخدامنا لملفات تعريف الارتباط.
غلق