عنوان

التلاحم المجتمعي: مفهومه وأهميته

التصنيف
عامة
المصدر
عبد الباسط محمد إبراهيم, 2021
وصف
يعتمد قوة التلاحم المجتمعي على مدى تمتع أفراد المجتمع بالمبادئ.

يتزايد الاهتمام اليوم بموضوع التلاحم المجتمعي، خاصة في المجتمعات التي تشهد تنوعاً ثقافياً فكرياً واضحاً بين مكوناته. ولا ينحصرالاهتمام بهذا الموضوع بين فئة المفكرين والمنظرين فحسب، بل يتعداهم إلى صناع القرار والمؤسسات المجتمعية الرسمية في كثير منالبلدان؛ وما ذلك إلا لتعزيز التآلف بين مكونات المجتمع وتقوية الأواصر بين كافة فئاته، وللمضي قدماً لتحقيق الأهداف المشتركة في ظلالتنوع والتعددية. 

ويعتمد قوة التلاحم المجتمعي على مدى تمتع أفراد المجتمع بالمبادئ والقيم المرتبطة بالمصلحة العامة للمجتمع، كالشعور بالانتماء، وتقبلالتعددية، والمساهمة في تحقيق الأهداف المشتركة، والثقة المتبادلة واحترام الجميع في ظل الهوية الجمعية للمجتمع. وتُعرف بعض الدراساتالتلاحم المجتمعي: بمستوى التعاون بين أفراد المجتمع من غير خضوع لضغوطات خارجية ولا لتحصيل مصالح خاصة(Justine Burns & others 2018) بينما يُدخل برنامج الأمم المتحدة للتنمية في مفهوم التلاحم المجتمعي عناصر أخرى مثل؛ التسامح وتقبل التعددية فيالمجتمع والمساوة بين الأعراق والأجناس والتجنب التام للإقصاء والتهميش(CSSC 2009). ويلاحظ الباحث في الأدب النظري الخاصبموضوع التلاحم المجتمعي أن تعريف التلاحم الاجتماعي أمر شائك اختلفت وجهات نظر الباحثين فيه، وبسب تعدد أبعاد الموضوع ولكونالمقاربات الخاصة بتعريفه نسبية، تتأثر بثقافة المجتمع والحالة الديموغرافية والسياسية. ومن أفضل التعريفات التي لخّصت مفهوم التلاحمالاجتماعي هو التعريف الخاص بمنظمة التعاون والاقتصاد والتنمية(OECD)، الذي يرى أن المجتمع المتلاحم هو: "المجتمع الذي يعمل علىتوفير الرفاهية للجميع ويحارب الاقصاء والتهميش. كما يتمتع أفراده بالانتماء للمجتمع والثقة المتبادلة والفرص المتساوية لتحقيق التقدم (فيالحياة)". (OECD 2011) 

ولعلنا نستخلص مما سبق أن التلاحم المجتمعي هو: سلوك جمعي لأفراد المجتمع من جهة، بتضامنهم في تحقيق المصلحة العامة للمجتمع،بناء على الهوية والقيم والأهداف المشتركة. ومن جهة أخرى هو: ضمان المجتمع للأفراد الرفاهية من خلال المساواة في توفير الفرص والبعدعن جميع أشكال التهميش. وتكمن أهمية التلاحم المجتمعي في منظومة القيم التي يخلقها، والتي تضمن تعاون الأفراد والمجتمع لتحقيقالمصلحة العامة للجميع والسيطرة على التحديات الأمنية والاقتصادية والاجتماعية.

ومما لا شك فيه أنه؛ لا يوجد مجتمع إنساني مثالي، ولكن الالتزام بقيم التلاحم المجتمعي يضمن مجتمعاً حضارياً تغلب عليه الرفاهيةوالسعادة والاعتزاز بالانتماء للمجتمع. ولعل مصداق ذلك من القرآن الكريم هو قوله تعالى: وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ۚ (آلعمران:103).

X
تساعدنا ملفات تعريف الارتباط في تحسين تجربة موقع الويب الخاص بك. باستخدام موقعنا ، أنت توافق على اسخدامنا لملفات تعريف الارتباط.
غلق